تبدأ قصة يوسف بحلم وتنتهي بتفسير هذا الحلم وتحققه.
وليس حلم الأنبياء غير رؤيا صادقة يكشف الله فيها أحداثا لم تقع بعد.. غير أننا في بداية القصة لا نعرف أن يوسف نبي.. أيضا يخفي السياق القرآني اسم أبيه وهو يعقوب, كما حدث المصطفي عليه الصلاة والسلام.. يتجاوز القرآن الحلم إلي مشهد يوسف وهو صبي صغير يحدث والده عن رؤيا.
إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين.
رأي يوسف حلما وهاهو يحكيه الآن لأبيه.
قال يابني لا تقصص رؤياك علي إخوتك فيكيدوا لك كيدا. إن الشيطان للإنسان عدو مبين.
حذر الأب ولده أن يظهر رؤياه لإخوته.. إن إخوة يوسف لا يحبونه ولا يحبون التصاق الأب به, وينكرون امتلاء قلب الأب به.. لم يكن يوسف أخا شقيقا لهم.. تزوج يعقوب زوجة ثانية غير التي أنجبت له أبناءه, وأنجب منها يوسف وشقيقا له.
أحس يعقوب من رؤيا ابنه أنه سيكون له شأن بحكم جو النبوة الذي يحيط به وبحكم نقائه الداخلي وشفافيته.. وبحكم جماله الخارجي أيضا.
يقول بعض العلماء: أحس يعقوب أن الله يختار يوسف بهذه الرؤيا.
وكذلك يجتبيك ربك
أي وكذلك يختارك ربك وكذلك يصطفيك
ويعلمك من تأويل الأحاديث.
معني التأويل هو معرفة المآل وكشف النتيجة, وإدراك أسرار لم تقع بعد.. فما هي الأحاديث.. قالوا إنها الرؤي والأحلام ولسوف يستطيع يوسف فيما بعد أن يفسر الأحلام والرؤي فيري من رموزها الغامضة ما سيقع من أحداث, وقالوا إن الأحاديث هي الأحداث سيعرف مآل الأحداث التي تنتهي إليه من بداياتها وأوائلها.. سيلهمه الله إلهاما أن يعرف إن ربك عليم حكيم.. رد النبي العلم والحكمة إلي الله في ختام حديثه فجاء ذلك مناسبا للبدء.
وفي العلماء من يقول إن الآية السابقة ليست جزءا من حوار يعقوب مع ابنه يوسف, وإنما هي ثناء من الله تعالي علي يوسف أدخلت في نسيج القصة منذ بدايتها وهي ليست منها, فالمفروض ألا يعرف يوسف ويعقوب تأويل الحلم وتفسيره منذ البداية, وهذا هو رأي القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن.