كانت الأغرب من نوعها .. تلك العلاقة لفتت انظار الجميع .. والكل تساءل .. ما السر الذي تخفيه خلفها؟ لكن الجواب كان الحب على مر السنين يؤكد .. ويعزز .. ويزيل الشكوك جاء على لسان الصديقة التي قالت : اعرف صديقتي هذه منذ عدة سنوات، قد تتجاوز الخمس او الست سنين،عرفتها وهي متزوجة، حيث كنا نعمل معا في شركة اعلانات، لكني لم اكن اعرف شيئاعن زوجها غير اسمه حتى جاء يوما للشركة لاصطحابهاولم اكن اعرفه، كنت لحظتهاخارج المكتب، وما عدت اليه الا ووجدت صديقتي بصحبة رجل، فألقيت التحية قائلة : مرحبا ياعمي، فرد تحيتي وسرعان ما قالت صديقتي : اعرفك على زوجي ! لحظتها كاد ان يغمى علي من هول المفاجأة والاحراج فلقد كان كبيرا في السن كفاية فناديته ياعم لاعتقادي بأنه والدها !! ولا ادري لم تزوجت رجلا بسن والدها مع انها شابة وجميلةومتعلمةلم تحدثني يوما عن فارق السن الكبير بينها وبين زوجها ولم اشك للحظة في ان يكون كذلك خاصة وكنت اعرف طبيعة العلاقةالتي بينهما، فلقد كان يتصل بها اكثر من مرة في اليوم الواحد، كانت تحادثه مبتسمة خجلة تبادله الضحك بهدوء، حتىانها كانت تبقى سارحة لبعض الوقت بعد المكالمة كالمراهقة المبتدئةبقصص الغرام !!
ويوما وبعدما انهت مكالمة قصيرة وجدتها صامتة هادثة تخفي ملامح وجهها الذي ارتسمت عليه بدايات البكاء، فاقتربت منهااسألها ان كان كل شيئا على ما يرام فقالت :
والله لو كان شيء على غير ما يرام لما بكيت،ولكني ابكي لأن كل شيء بخير ، ابكي على هذه السعادة التي انا فيها خوفامن انت زول، وعلى كل هذا الحب الذي اعيشه خشية ان تطاله عيون الحاسدين، فأنا وزوجي نحب بعضنا كثيرا ونعيش كل يوم وكأنه يوم جديد من شهر عسل لا ينتهي، فهو يحرص علىالاتصال بي كل عدة ساعات ليقول لي بأنه يحبني او بانه اشتاق لي،والغريب هو انه يفعل ذلك منذ عدة سنين وانا الاخرى اتزين له والبس له كل يوم اجمل ما استطيع،واستقبله في كل ليلةبأزهى حلة وكأني عروس جديدة والغريب باني ايضا افعل ذلك من عدة سنين والحقيقة اننا الاثنين لم نشعر يوما بمرور كل تلك السنين ......
سعدت كثيرا عندما قالت لي ذلك، وصدقتها اكثر وامنت بتلك العلاقة لأني كنت ارى ملامحها الخجلة، وسعادتها بالحديث ولهفتها للهاتف وسرحانها بعد كلامه، كنت اعيش معها قصة حبها، لذلك حسبتها قصة مثالية شابة تمثل كفاح شابين حبيبين لحياةزوجية سعيدة، ولم اتوقع ان تكون قصة الحب العظيمة تلك بين شابة في العشرينات، من العمر ورجل في اواخر الخمسين
!! فقلت في نفسي كم هو هذا الرجل محظوظ بهذه الشابة !!
بعد اعوام مات الرجل وانتهت جلسة العزاء .. وافترق الجميع .. فاقتربت منها لأني كنت الصديقة الأقرب الى قلبها، والأعلم بقصة حبها .. وقبل اناسألها شعورها قالت :
مات .. لكن سر الحب لم يمت .. ويستحيل ان يموت ..
في تلك الليلة .. ليلة العزاء ، اعترفت لي بالسر وراء تلك العلاقة العظيمةفعرفت كم هي كانت محظوظة بالعجوز فقالت :
قبل زواجي كنت على علاقة بشاب من عمري، كنت احبه كثيرا وكنت احلم بحياة عظيمة معه ولكنه كان فقيرا وبسيطا بينمااحلامه كانت غنية وكبيرة، لذلك عندما وجدنا سلما لتحقيق احلامنا لم نتردد،فاتفقنا على ان اتزوج لبعض الوقت الرجل الكبير في السن، العظيم الثراء الطيب القلب حتى اتمكن من جمع مبلغ معقول من المال من هذه الزيجة ثم اطلب الطلاق واتزوج حبيبي ونحقق الاحلام !!
لكن حصلت مفاجأة بعد سنة كاملة من الزواج اصبحت حاملا ولكن ليس من زوجي بل من حبيبي!!
في ليلة مظلمة اتصلتبه، اخبرته بانه يكفي ما جمعته من مال، علينا انهاء الزيجة قبل ان يظهر الحمل،ولكنه لم يقبل بانهاء الزيجة بل طلب انهاء الحمل طلب انهاء العلاقة بيننا، طلب انهاء الموضوع نهائيا؟!؟!
اغلقت السماعة، بدأ بالبكاء مطولا لكل تلك الاسباب.. في تلك اللحظة دخل زوجي الغرفة اقترب مني يمسح دموعي قائلا : لاتبكي ! وابتسم ابتسامة عظيمة يقول فيها : انا اعلم بكل شيءلم يجرحني بكلمة ولم يقلل من احترامي يوما ، علم باني استغله واكذب عليه لكنه لم يحاول ايذائي بكلمة بل ستر علي وغمرني بالحب فشاء الله شكره على ذلك فأمات ثمرة خيانتي له قبل ان تولدوعشت انا لأجله بوفاء عظيم
منقوله