يا من تؤخرالصلاه .. وقد غرّته دنياها .. وشغلته بأهوائها العابثة وألوانها الزاهية...
يا من تثاقل قلبه عن فرض ربها .. وقرة عين رسولها ..
يا من تسمع نداء (حي على الصلاة) فلا تجيب حالا وتتأخر عن الاجابة .. نداء يقول له (الله أكبر) من كل ما في الدنيا .. (الله أكبر) من كل أشغالك وأعمالك وأهوائك.. (الله أكبر) تذل وتخشع لها الصخور.. فأين قلبك؟
اعلم ان تأخيرك للصلاة عن وقتها ما هو الا لضعف في إيمانك .. نعم ضعف كبير ووهن عظيم في سور حصنك دخل منه عدوك الشيطان ليقول لك: لازال في الوقت متسع.. سأقضي هذا العمل ثم أصلي.. لا استطيع الخشوع في الصلاة وانا متعب سأرتاح اولاً.. وغير ذلك من الأعذار
يزيّن لكِ الراحة والدعة .. يدعوكِ الى الاسترخاء وإلقاء سلاح تكفير الذنوب .. ليحطم حصنك الايماني ويدخل الى قلبكِ فيتربع على عرشه!
الصلاة نعمة من نعم المولى .. أرأيتِ لو أن الله أمرنا بأن نتقرب إليه ولم يخبرنا كيف، ماذا كنا سنفعل وكيف ستكون حيرتنا؟ لكن الله جل في علاه ما ترك عبده ليضيع في السبل والطرقات يفتش عن طريقة يتقرب بها من مولاه.. فكفاه سبحانه عناء الضلال ومشقة التيه فأخبره بأن (أقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجد) .. نعم وهو ساجد في صلاته.. أفلا نسارع للقرب من ربنا وهو يدعونا؟ وكيف ندّعي حب الله ثم لا نشتاق للقياه ولا نسرع لطاعته؟
اعلم ان خطواتك قد أثقلت بالذنوب التي على كاهليك، لذا تريها بطيئة، مُثقلة، متباطئة حينما يحين وقت الصلاة. ولو راقبت هذه الخطوات لرأيتها مسرعة، خفيفة، مستعجلة للشهوات والأهواء
هل يرضيك أن تكون ممن قيل فيهم "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ"؟ فتكون عاقبتك الشر والخسران "فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" .. لا لن ترضي هذا وخالقكِ يقول لكِ "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" (المنافقون - 9) فقد قال جماعة من المفسرين: المراد بذكر الله هنا الصلوات الخمس فمن اشتغل عن الصلاة في وقتها بماله كبيعه أو صنعته أو ولده كان من الخاسرين.. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " إنّ أول ما يُحاسبُ به العبدُ يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر..." .
كيف تجرأت نفسك لتعصي خالقها وبارئها ومصورها؟ نفسك الضعيفة الواهنة الذليلة.. يدعوها ربها وخالقها ومولاها، يدعوها مالك الملك رب السموات والارض، فلا تستجيب وتلبي!! ويحها من نفس!
وان كنت لا تشعر بعِظم هذا الذنب لأنك تؤدي الصلاة –على اي حال- ولم تتركها، فقارن تأخيرك للصلاة هذا بتأخير صوم الفريضة .. هل تستطيع صوم رمضان في شهر شوال مثلا؟ ستقول هذا غير ممكن! فلمَ يكون ممكنًا مع الصلاة؟!
يا أمة الله ..
هل ترضين أن تغضبي مولاك؟ أما سمعت قوله "فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ" قال عليه الصلاة والسلام "هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها".. أتدرين ما الويل؟ وادٍ يسيل من صديد اهل جهنم، كما جاء في تفسير الطبري.. وفوق هذا سخط الرب وعقابه..
قد تقولين حاولت كثيرا لكني في كل مرة أعود وأصلي بعد فوات الوقت.. لا استطيع.. أصابني اليأس.. كم انا محبطة
لا تستسلم للشيطان ولا تخضع لمصائده.. وإليك مني هذه النصائح لتصلي بها الى طريق الالتزام بالصلاة:
اولا: اكثرمن الاستغفار وتوب توبة نصوح عن هذا الذنب واكثر من ذكر الله فهي مفتاح القلوب.. وستجد الله في عونك
ثانيا: سارع الى الصلاة حالما تسمعي نداءها، ولا تدعي مجالا للأعذار لتأخذ طريقها إليك
ثالثا: انظر الى رفاقك والى صحبتك.. أهي صحبة صالحة؟ هل يتذكرون الصلاة وسط أحاديثهم فيسارعون إليها؟
رابعا: اذا كنت تنسي مواقيت الصلاة، فاضبط منبه محمولك ليرن عند كل صلاة
خامسا: وهو الأهم، استحضر عظمة من ستذهب للقائه، وتذكر ثواب الله وعقابه.
ما أردت بهذه الكلمات الا أن أخاطب بها قلبك .. تلك المضغة الصغيرة التي بين جنبيك.. حافظ عليه نقياً صافياً متلألئاً بالإيمان، محباً لمولاه، قريباً منه..
وختامًا .. دمتم محافظين على الصلاة في وقتها، مسارعين لها وملبين لندائها.. وأسأل الله ان يحفظكم في كنفه، ويبعدكم عن غضبه، ويُعينكم على طاعته، ويُقربكم من جنته، ويصرفكم عن ناره.. هو ولي ذلك والقادر عليه .. سبحانه لا إله الا هو
فتوبوا الى الله .. واستغفروا ربكم يغفر لك ذنوبكم ويعفو عن زلاتكم ويغسل خطاياكم ويتقبل توبتكم