من العار أن تعجز بلادنا عن صنع رغيف خبز صالح للاستعمال الآدمي، وأنا أتكلم عن الرغيف »أبو شلن« المقرر توزيعه علي ملايين المصريين، ولا أتكلم عن الرغيف »أبو نص جنيه« فأكثر الذي يأكله القادرون الباحثون عن لقمة عيش قابلة للهضم »!!« كان رغيف العيش، منذ أقدم العصور، مسئولية البيت المصري تصنعه ربة البيت في الفرن البلدي الذي يعمل بالحطب، وتستخرج الدقيق من غرفة الخزين.. إلي أن دخلنا عصر الحضارة الثورية، ودخلت صناعة الرغيف ضمن برامج التصنيع الثقيل،
وقامت الأفران الحديثة في القري والحواري، وأصبحت صناعة الرغيف من مسئولية الدولة مثل تصنيع السيارات والطائرات والحديد والصلب، وقامت وزارات للإشراف علي هذه الصناعة الاستراتيجية يعمل فيها جيش من الموظفين والمستوردين والمشرفين »!!«
** ومن يومها انحط مستوي الرغيف. وتشكلت حلقات وعصابات لتهريب الدقيق إلي المخابز المتخصصة في صناعة الرغيف غالي الثمن. وتفرغت المخابز الحكومية لإخراج عجين مسلوق، ومع ذلك فان الملايين يتقاتلون علي شرائه لأنه المصدر الوحيد لملء البطون الخاوية »!!«
** تحول الرغيف إلي مشكلة قومية تعقد من أجلها الاجتماعات الوزارية. وكان آخرها الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف وحضره وزراء من الوزن الثقيل هم وزراء: المالية والداخلية والتجارة والصناعة والتضامن الاجتماعي.. وتقرر في الاجتماع إعداد منظومة إنتاج وتوزيع الرغيف، ووضع نظام جديد للرقابة بصورة لامركزية من خلال المحافظين وشن حملات علي المخابز وتكثيف الوجود الأمني وتشديد العقوبات الرادعة علي المخالفين »حسب رواية »الأهرام« أمس«.
** ولو راجعت الصحف التي صدرت خلال نصف القرن الماضي فسوف تطالع نفس العبارات ونفس الألفاظ، مع اختلاف في اسماء الوزراء. وسوف تجد نفس التهديدات بمعاقبة المتلاعبين في حصص الدقيق المدعوم الذي تقدمه الدولة للمخابز، ولكنه يتسرب إلي صناع الفينو والجاتوه والرغيف باهظ الثمن »!!«
** نسأل الله العفو والعافية لحكومتنا حتي تفلح في القضاء علي تجارة الدقيق المدعوم، حتي يحصل المواطن المصري الغلبان علي حقه المشروع في رغيف صالح للاستعمال البشري.