أشهر 10 "زلات لسان

كلمات يقولها المرء بدون قصد, ولكنها في أغلب الأحيان إن لم يكن كلها, لا تعبر سوى عن حقيقة ما يدور بداخله, وأفكاره التي لا يستطيع أن يبوح بها أمام العامة, فتهزمه تلك الأفكار في لحظة, لتخرج كلمة أو جملة صغيرة, تكشف عن كل ما بداخله, للتفاوت وتتباين ردود الفعل المقابلة لها في شدتها..إنها "زلة اللسان".

وفي عام 2006 تورط عدد من المسئولين في زلات لسان, أثارت ردود فعل رسمية وشعبية على مستوى العالم, كان أشهرهم على المستوى الدولي بابا الفاتيكان, وعلى المستوى العربي حسني مبارك, وأطرفهم جورج بوش، وأخرهم إيهود أولمرت رئيس وزراء الكيان الصهيوني, ولكن نجم الزلات اللسانية الحقيقي كان مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون, حيث حصل وحده على ثلاث زلات لسانية ذهبية خلال سنة واحدة.

في محاضرة له في "جامعة بريجينسبرج" الألمانية بتاريخ 12 سبتمبر2006 نقل البابا "بينيديكت السادس عشر" بابا الفاتيكان عن كلام أحد الأمراء البيزنطيين في القرن الرابع عشر قوله "أرني ما هو الجديد الذي قدمه محمد ؟ كل ما هو شرير ولا إنساني، مثل دعوته لنشر الدين بالسيف"، اقتبس البابا تلك الكلمات و وضعها في سياق كلامه دون إبداء أي تحفظ عليها, فبدت كما لو كانت استشهادا وتأييدا لوجهة نظره، وأضاف البابا أن "فكرة الله في الإسلام في منتهى السمو" وبالتالي فهي "لا ترتبط بأي من أفكارنا ولا حتى بالمنطق"، وهو ما فسر على أن الإسلام لا علاقةَ له بالمنطق.

شملت ردود الأفعال حول كلام بينيديكت السادس عشر معظم دول العالم, سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي في بعض الدول الإسلامية, حيث طالبت بعض الأنظمة الرسمية البابا بالاعتذار, وانطلقت المظاهرات الشعبية مطالبة باعتذار واضح عما صدر من تصريحات مسيئة للإسلام وللرسول الكريم, بل أن هذه الاحتجاجات الشعبية وصلت في بعض البلدان إلى الاعتداء على الكنائس, كما تسببت في مقتل راهبة في الصومال.

في حديثه لقناة "العربية" يوم السبت8 ابريل 2006، قال الرئيس حسني مبارك ردا على سؤال عن التأثير الإيراني في العراق "الشيعة دائما ولاؤهم لإيران, أغلبهم ولاؤهم لإيران وليس لدولهم", وقامت المنطقة كلها ولم تقعد بعد هذا التصريح الذي خون حوالي 65 % من الشعب العراقي, هم نسبة الشيعة العراقيين.

سياسيون ورجال دين مسلمون من الطائفة الشيعية من مختلف دول المنطقة هاجموا تصريحات مبارك التي تتهم الشيعة في كل دول المنطقة بالخيانة وبالولاء لإيران, مؤكدين أنهم لا يستمدون وطنيتهم من حسني مبارك, وإنما يستمدونها من انتمائهم الحقيقي لأوطانهم.

وللتخفيف من حدة "زلة لسان" مبارك, وردود الأفعال التي أعقبتها أكد متحدث باسم رئاسة الجمهورية أن مبارك قصد من تصريحاته التعاطف الشيعي العراقي مع إيران لاستضافتها للعتبات المقدسة.

مهدي عاكف "المرشد" العام لجماعة الإخوان المسلمين بمصر, رجل العام في زلات اللسان دون منازع, ثلاث تصريحات من النوع الثقيل شغل بهم الرأي العام تصريحا تلو الآخر, كان أول التصريحات "طظ في مصر .. وأبو مصر .. واللى في مصر", و هو التصريح الذي نشرته صحيفة "روزاليوسف" في 9 إبريل 2006, في البداية اتهم الإخوان الجريدة بأن "كلامها مفبرك" ومبتور من سياقه.

"روزاليوسف" من جانبها تحدت جماعة الإخوان وأكدت أن لديها نص الحوار مسجلا بصوت عاكف، ودعت المرشد لمقاضاتها إذا كان ما يقوله صحيحا، كما قام رئيس تحرير الصحيفة, بإذاعة مقاطع من الحوار بصوت عاكف في برنامج "البيت بيتك" الذي يبثه التلفزيون المصري على قناته الثانية.

تصريحات المرشد في ذلك الحوار لم تقتصر فقط على "الطز" الشهير الذي ألقى به في وجوهنا, بل امتلأ الحديث بزلات لسان أخرى نرجو قرائتها بعناية، مثل "يا ريت مسلمي ماليزيا يحكمونا"، "طبيعي ان المرشد يستمر مدى الحياة ودي حاجة معروفة من أيام النبي والخلفاء الراشدين"، "تسألني هتعملوا ايه لما تمسكوا الحكم، لما نمسك الحكم هبقى أقولك".

و في 3 أغسطس 2006 صرح مهدي عاكف تصريحا لوكالة الأنباء الفرنسية اعتبرها البعض أيضا زلة لسان أكد فيه أنه "مستعد لارسال عشرة آلاف مجاهد في الوقت الحالي إلى لبنان للقتال الى جانب حزب الله" ضد العدوان الذي يشنه الكيان الصهيوني على لبنان، وقد أثارت "زلة اللسان" تلك مخاوف الكثيرين من وجود جناحا عسكريا لجماعة الإخوان المسلمون, وأعاد البعض التذكير بالجهاز الخاص لجماعة الإخوان المسلمين الذي كان يتولى عمليات الاغتيال و القتل.

وفي المؤتمر الجماهيري الذي عقدته نقابة المحامين لدعم المقاومة الفلسطينية وتأييد حزب الله في 19 أغسطس 2006، فجر "المرشد" العام للإخوان المسلمين قنبلة أخرى حين تورط في زلة لسان أخرى عند حديثه عن الحكام العرب قائلا "لولا إنهم موحدون بالله لقتلناهم..لأن خطرهم أشد وطأة من خطر اليهود أنفسهم"، وقد أتت تلك التصريحات بعد حوالي أسبوعين فقط من "زلة لسان" عاكف التي تحدث فيها عن جاهزية 10 آلاف مقاتل من الإخوان للقتال مع حزب الله في الوقت الحالي.

في مقابلة أجرتها معه قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية, رد رئيس الوزراء البريطاني على سؤال حول ما إذا كانت الحرب على العراق كارثة قائلا "إنها كذلك بالفعل", وتوالت ردود الأفعال من مسئولين دوليين وبريطانيين, حيث رد وزير الدفاع الأسترالي على بلير قائلا أن الحرب على العراق صعبة ومأساوية ولكنها ليست كارثة.

وقد سارع متحدث باسم بلير لتوضيح "زلة لسان" رئيس الوزراء البريطاني, مؤكدا أن ما نسب إلى بلير هو مجرد "زلة لسان", وهذا يحدث له أحيانا عندما يسمع نصف السؤال فقط ويريد الإسراع في الرد, وأضاف المتحدث قائلا أن بلير لا يعتقد أن الحرب على العراق كارثة, ولا يعتبر أن إسقاط صدام حسين كارثة, لكنه يقر بوجود صعوبات.

في ندوة عقدت في جامعة الأزهر بعنوان "الإسلام بين الوسطية والتشدد" يوم 7 مايو 2006 عقب قتل قوات الأمن المصرية ستة مطلوبين, على أثر مطاردة الشرطة لعدد من المشتبه فيهم في تفجيرات منتجع دهب, أفتى الشيخ علي جمعة مفتي مصر بقتل المتشددين دينيا قائلا "هؤلاء المتشددون القتلة الإرهابيون، هم مجموعة أوباش ويجب تصفيتهم جسديا وضربهم بكل قوة, ويجب ألا نتعاطف مع أناس لوثوا أيديهم بدم المسلمين".

الشيخ علي جمعة لم يوضح الأسباب التي جعلت من هؤلاء الشباب إرهابيين يقتلون البشر باسم الدين, ومنها على الأقل "الإرهاب الأمني" الذي عانوا منه, بل أصدر تلك الفتوى خصيصا لرجال الشرطة الذين يداهمون أوكار تلك الجماعات الإرهابية في جبال سيناء, مثنيا على رجال الأمن بقوله "الأمن اللي موش عاجبكم وقاعدين تلسنوا عليه بيقوم بدوره في الدفاع عنكم وعن أمن البلد".

قنبلة فجرها الفنان "حسين فهمي" في مداخلة تليفونية مع برنامج 90 دقيقة الذي تبثه قناة المحور الفضائية, أثناء مناقشة وزير الثقافة المصري "فاروق حسني" حول تصريحاته حول الحجاب حين صرح حسين فهمي بأن "المحجبات معاقات ذهنيا وعقليا", و سواء اتفقنا أو اختلفنا حول الحجاب, إلا أن "زلة لسان" حسين فهمي لم تكن موجهة ضد الحجاب, ولكنها كانت مسيئة لملايين من المصريات, و هو الأمر الذي تداركه حسين فهمي سريعا حيث ظهر على شاشة التليفزيون معتذرا لملايين المصريات عما بدر منه من إساءة باعتبارها "زلة لسان".

الرئيس الأمريكي "جورج بوش" واحد أيضا من هؤلاء المشاهير الذين تزيد "زلات اللسان" من شهرتهم, فابتداء من إعلانه أن الحرب على منطقتنا هي حرب صليبية, مرورا بإعلانه أن تلك الحرب تمت بإيعاز من الرب، حتى زلته الأخيرة التي أكد فيها أن أعداء أمريكا يريدون إيذائها وكذلك هو !!.

ففي الخطاب الذي ألقاه بوش بمناسبة مراسم توقيع الموازنة المخصصة للدفاع الأمريكي والتي بلغت 417 مليار دولار, قال بوش أمام عدد من كبار العسكريين "أعداؤنا مبدعون ويعملون بدهاء وحيلة، ونحن أيضا, هم لن يكفوا عن إيجاد سبل جديدة لإيذاء بلادنا وشعبنا، وكذلك نحن"!!

إمتلاك "إسرائيل" سلاحا نوويا ليس جديدا, ولكن الجديد هو اعتراف أحد قيادات كيان العدو بذلك السر الذي حافظ عليه قيادات الكيان طوال العقود الماضية, ليأتي مؤخرا رئيس الوزراء الصهيوني "إيهود أولمرت" معلنا من ألمانيا في زلة لسان وصفتها الصحف الصهيونية بأنها "زلة لسان نووية" امتلاك إسرائيل سلاحا نوويا قائلا "يطمح الإيرانيون الى امتلاك اسلحة نووية, على غرار فرنسا والاميركيين والروس واسرائيل".

"زلة لسان" أولمرت أثارت موجة غضب كبيرة داخل الكيان الصهيوني وصلت في النهاية إلى دعوات من معظم التيارات السياسية الصهيونية لأولمرت بالاستقالة مشككين في قدراته على البقاء كرئيس وزراء, ومن جهتها انتهزت إيران تلك "الزلة" وطالبت مجلس الأمن بالتدخل لوقف التهديد الحقيقي للاستقرار في المنطقة والذي يمثله السلاح النووي الصهيوني.