يعتبر مسلسل الملك فاروق من أفضل الأعمال الدرامية التي ظهرت علي شاشات التليفزيون العربية.. نحن أمام نص درامي متميز فيه كل العناصر التراجيدية من حيث تطور الأحداث, ونمو الشخصيات.
وقد قضت كاتبة السيناريو والحوار دكتورة لميس جابر أكثر من14 عاما وهي تدرسه وتعدله, وتقرأ ما كتب عنه وتكتب فيه.
أخرج العمل المخرج السوري حاتم علي, وهو فنان كبير سبق له أن أخرج مسلسلات صلاح الدين, و صقر قريش و ربيع قرطبة, و التغريبة الفلسطينية.
لعب دور الملك فاروق الممثل السوري تيم الحسن, وهو ممثل قدير يشبه الملك فاروق شبها مدهشا, وقد مثل دور الملك باقتدار بالغ, ونجح في أن يعبر عن توترات الشخصية وعذاباتها خلال اصطدامه برجال السياسة أو أبناء الأسرة الملكية.
لعبت وفاء عامر دور نازلي( الملكة الأم), ولعب عزت أبوعوف دور( أحمد حسنين باشا), ولعب نبيل الحلفاوي دور( علي ماهر باشا), أما مصطفي النحاس فلعب دوره صلاح عبدالله.
ومن الإنصاف أن نقول إن جميع الممثلين أدوا واجبهم, كما أدت الموسيقي والتصوير دوريهما, كما نجح مهندس الديكور في أن ينقلنا إلي جو القصور الملكية, حيث نعايش قصة ملك وقع بين سندان زوجته ومطرقة أمه.
إن زوجة الملك كانت من طراز النساء اللاتي نعرفهن في مصر بوصف النكد, هي زوجة نكدية تحاول تأكيد ذاتها عن طريق واحد هو معارضة الملك, وشجارها ونقارها معه واستمرار هذه الكآبة إلي الحد الذي دفع الملك إلي طلاقها في النهاية برغم أن السياسيين حذروه من تأثير هذا الطلاق علي مشاعر الشعب, وكان الناس يحبون الملكة, وبرغم هذه التحذيرات أقدم الملك علي خطوته الجريئة.
أما البؤرة الثانية للصراع فكانت هي الملكة الأم, وكانت امرأة ضربت بتقاليد القصور عرض الحائط, وأرادت أن تعيش حياتها بحرية كاملة لا تتقيد فيها بأعراف أو تقاليد.. من هنا جاء صراعها مع ابنها فاروق, وهو صراع كان يذكرنا بهاملت حين كان يقسو علي أمه ويقول لها إنه يريها صورتها في المرآة.
من بؤر الصراع أيضا علاقة الملك برئيس الديوان الملكي أحمد حسنين, وكان سياسيا محنكا ومستشارا للملك في الوقت نفسه, وصديقا يفصح له عن خبايا ما يكدره, فأحبه فاروق للتقارب الشديد بينهما وكرهه في نفس كراهية التحريم لعلاقته بجلالة الملكة الأم التي هي بؤرة مأساة الملك.
من بؤر المأساة أيضا علاقة الملك بالإنجليز وعلاقته بحزب الوفد ممثلا في مصطفي النحاس باشا, ويكشف لنا المسلسل عن أن الملك فاروق كان وطنيا مصريا, ولم يكن عميلا للألمان أو الإنجليز.
كان الملك فاروق يقول أحيانا: أنا ما بأحبش النحاس أو الوفد, وكان أحمد حسنين يقول له يامولاي نحن نتكلم عن السياسة, والسياسة مصالح وليس فيها حب أو كراهية, ولعل هذا كان أحد أخطاء الملك.